السبب المباشر الذي دفع بتركيا إلى مهاجمة منطقة عفرين السورية هو إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن إنشاء قوة أمنية مشتركة لحفظ الحدود في سوريا تتكون نواتها من "قوات سوريا الديمقراطية" ذات الأغلبية الكردية والتابعة "لحزب الاتحاد الديمقراطي" أي الذراع السوري "لحزب العمال الكردستاني" الذي تحاربه السلطات في تركيا منذ أربعة عقود والمصنف "إرهابيا" من قبل دول المنطقة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
الهدف الأساسي لتركيا هو منع قيام منطقة حكم ذاتي كردي على حدودها الجنوبية، علما أن ذلك بات أمرا واقعا بالرغم من التدخل التركي الأول في جرابلس ومنطقتها الذي استهدف على حد سواء تنظيم "الدولة الإسلامية" والفصائل الكردية. فمن خلال مهاجمة عفرين هنالك مهاجمة لصلب هذا المشروع الذي بدأت تجربته تحديدا في عفرين أول المناطق التي خرجت عن سلطة دمشق في بدايات الحراك السوري.
من الناحية العسكرية، لمنطقة عفرين أهمية كبرى لقربها من مدينتي أعزاز ومارع وإشرافها على معبر أطمة وهو أحد أهم المعابر نحو منطقة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة السورية بمختلف أطيافها. كما أن منطقة عفرين تفصل جغرافيا بين ريف حلب الشمالي ومناطق إدلب المذكورة. ففي سياق معارك حلب تمكنت الفصائل الكردية من السيطرة على مطار منغ العسكري ومدينتي تل رفعت والشيخ عيسى اللتين قد تسعى تركيا لإعادتهما للمعارضة المسلحة.
الولايات المتحدة تقف فعليا موقف المتفرج في الوقت الراهن، داعية تركيا لضبط النفس مع إعلان تفهمها للموقف التركي في نفس الوقت. ذلك بالرغم من كونها الداعم الأساسي بالسلاح والعتاد والتدريب للفصائل الكردية لأنها شريكها في الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".
أعرب وزير الخارجية الفرنسي عن قلقه إزاء العملية العسكرية التركية ودعا حكومة أنقرة إلى ضبط النفس في عملياتها ضد القوات الكردية في المنطقة. لكن الخارجية الفرنسية قالت إنها تتفهم قلق تركيا إزاء مسألة أمن حدودها.
لم تؤكد موسكو رسميا "إعطاء" الضوء الأخضر للعملية كما أكدته أنقرة، لكن تبدو كالرابح الأكبر من التطورات الأخيرة، فالتريث الأمريكي أفسح لها الطريق لاستمالة الفصائل الكردية تجاهها من خلال دعوتهم إلى مؤتمر سوتشي المزمع عقده 29 و30 يناير/كانون الثاني الجاري بطريقة شبه متزامنة مع بدء العمليات التركية. علما أن الرئيس التركي أكد أنه تشاور مع نظيره الروسي قبيل بدء العمليات العسكرية ما دفع بروسيا إلى سحب مراقبيها الذين كانوا منتشرين في منطقة عفرين لتفادي "الاستفزازات".