FacebookTwitter




ستجري الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التونسية في 15 سبتمبر/أيلول. وهي ثاني انتخابات رئاسية منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي في يناير/كانون الثاني 2011.

ويأتي هذا الموعد الانتخابي الجديد بعد أقل من شهرين على رحيل الرئيس الباجي قائد السبسي، أول رئيس تونسي ينتخب ديمقراطيا والذي توفي في 25 يوليو/تموز 2019 بعد أن حكم البلاد أربع سنوات وسبعة أشهر.

وكان من المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية في 17 و23 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. لكن تم تقديم موعدها إلى 15 سبتمبر/أيلول بعد وفاة السبسي، ضمانا لتولي رئيس جديد منصبه في غضون 90 يوما وفق ما ينص عليه الدستور.

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم انتخابات رئاسية قبل الانتخابات التشريعية المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول. ويصوت فيها قرابة 7 ملايين تونسي من أصل 11,4 مليون نسمة.

وتشرف على هذه الانتخابات هيئة عليا مستقلة. ويتنافس فيها 26 مرشحا، بينهم امرأتان هما وزيرة السياحة السابقة سلمى اللومي الرقيق ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي التي تدافع عن حصيلة نظام زين العابدين بن علي.

بدأت الحملة الانتخابية في الثاني من سبتمبر/أيلول وتستمر لغاية 11 منه، فيما مُنع المترشحون من إجراء مقابلات مع الإعلام الأجنبي أو التحدث إليه.

ولفهم أهمية وأبعاد هذه الانتخابات، تستعرض فرانس24 أبرز الرهانات التي تنتظر الرئيس المقبل.





نص: طاهر هاني/ فرانس24
غرافيك: ستوديو غرافيك / فرانس ميديا موند
صور: فرانس24 - أ ف ب - رويترز

رئيس التحرير: غسان باسيل
مسؤول التحرير: علاوة مزياني
سكرتيرة التحرير: عائشة علون

جميع الحقوق محفوظة © سبتمبر/أيلول 2019
Member Bio image

الصورة: أ ف ب

الرهانات الاقتصادية

في مقابلة أجراها مع صحيفة "لومونود" الفرنسية في يوليو/تموز الماضي، أكد سفير الاتحاد الأوروبي في تونس باتريس برغاميني أنه "مهما كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة، فالأهم يكمن في تشكيل حكومة جديدة في 2020 تتمتع بالأغلبية في البرلمان وتكون قادرة على وضع إستراتيجية اقتصادية واضحة وطويلة الأمد تمكن تونس من الخروج من النفق الاقتصادي الذي توجد فيه منذ سنوات".

ومن بين التحديات الاقتصادية التي تنتظر الرئيس الجديد والحكومة الجديدة على حد سواء، محاربة البطالة التي بلغت نسبتها نحو 15 بالمائة على المستوى الوطني و29,7 بالمائة لدى خريجي الجامعات والمعاهد، فضلا عن تشجيع الاستثمارات الأجنبية التي تراجعت منذ سقوط نظام بن علي، مع توفير قاعدة قانونية وجمركية مواتية للمستثمرين.

وسيواجه الرئيس الجديد مشكلة التضخم التي تجاوزت 7,5 بالمائة في 2018 مقابل 6,4 بالمائة في 2017 و4,2 بالمائة في 2016، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، ولا سيما الطبقات الوسطى والبسيطة.

مشكلة هجرة الأدمغة إلى الخارج تشكل أيضا تحديا هاما بالنسبة إلى الرئيس الجديد والحكومة التي ستسفر عنها الانتخابات التشريعية. فهما مطالبان بتوفير الظروف الاقتصادية والاجتماعية الملائمة لهذه الفئة الاجتماعية مثل تبسيط عمليات الاستثمار والقضاء على البيروقراطية، إضافة إلى إدماج الطلبة المتخرجين من الجامعة في سوق العمل والنسيج الاقتصادي للبلاد.

ويُنتظر من السلطات الجديدة وضع خطة جديدة أيضا لتطوير قطاع السياحة الذي شهد ركودا نسبيا في السنوات الأخيرة. فحسب وزير القطاع روني الطرابلسي، تراجع عدد السياح الذين زاروا تونس من 1,4 مليون شخص في 2008 إلى 800 ألف سائح في 2018 بالرغم من أن القطاع يشغل نصف مليون عامل بشكل مباشر و1,2 مليون بشكل غير مباشر، فيما يشكل 14 بالمائة من الدخل العام.

Member Bio image

الصورة: أ ف ب

الرهانات الأمنية

من أبرز التحديات الأمنية التي ستواجه الرئيس الجديد معضلة الإرهاب وضرورة القضاء عليه نهائيا من أجل النهوض بالاقتصاد.

وبالرغم من أن تونس قطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال بفضل يقظة قوات الأمن، ما تزال التهديدات قائمة. والدليل على ذلك وقوع اعتداءات إرهابية من حين إلى آخر، ما يؤثر في الأمن الداخلي والاقتصاد والسياحة.

وتلقي الأزمة الليبية بظلالها على الوضع الأمني والاقتصادي، ذلك أن استمرار النزاع المسلح بين الفرقاء الليبيين يجعل الجيش التونسي في حالة تأهب قصوى ودائمة على الحدود البرية والبحرية لمنع كل ما يمكن أن يهدد البلاد من إرهاب وتهريب للأسلحة وهجرة غير شرعية وجريمة منظمة.

وهذه الجهود الأمنية تكلف الميزانية التونسية أموالا طائلة، ما يجعلها تلجأ إلى قروض خارجية تثقل كاهل المواطن التونسي وخزينة البلاد.

الحدود الجزائرية التونسية تشكل أيضا تهديدا أمنيا على البلدين، وبالأحرى على تونس. وأمام الرئيس التونسي المقبل فرصة جديدة لتعميق العلاقات الاقتصادية والأمنية بين بلاده وجارتها لمواجهة الأزمة الليبية بموقف مشترك من جهة (البَلدان يدعمان فكرة الحوار الداخلي بين الفرقاء بعيدا عن أي تدخل أجنبي)، وتعميق العلاقة الأمنية للقضاء على جيوب الإرهاب التي لا تزال تنشط على مستوى الحدود بين البلدين، من جهة أخرى.

وكان الباجي قائد السبسي قد خصص زيارته الأولى إلى الخارج للجزائر في 2015 إدراكا منه للبعد الإستراتيجي الذي تكتسيه العلاقات بين البلدين.

Member Bio image

الصورة: أ ف ب

الرهانات السياسية

الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستأتي بعدها ستكون بمثابة امتحان لشرعية وشعبية الأحزاب التي تنشط في الساحة السياسية التونسية.

والسؤال المطروح هل سترسم هذه الانتخابات خارطة حزبية جديدة تسيطر عليها بعض الأحزاب القوية والمتجذرة في المجتمع التونسي أم ستبقي المعارضة التونسية مشتتة والنظام السياسي في حالة عدم استقرار؟

التحدي الآخر الذي ينتظر السلطات التونسية الجديدة هو محاربة الفساد السياسي الذي أرهق مؤسسات الدولة وحال دون وصول جيل جديد إلى مناصب عالية في المجالات السياسية والاقتصادية. فعلى الرئيس المقبل أن يعيد بناء الثقة المنهارة بين المجتمع والنخبة الحاكمة وتعزيز الديمقراطية ومبدأ التداول على السلطة بشكل سلس ومن دون عنف.

وتجدر الإشارة إلى أن أهمية هذه الانتخابات الرئاسية تكمن في دخول حركة النهضة الإسلامية السباق الرئاسي لأول مرة، مع العلم أنها قادرة أيضا أن تفوز بالانتخابات التشريعية. فماذا سيحدث في حال فازت النهضة بالانتخابات الرئاسية والتشريعية؟

Member Bio image

الصورة: أ ف ب

الرهانات الاجتماعية

قضايا اجتماعية كثيرة وأخرى تتعلق بالحريات وبحقوق المرأة التونسية ودورها في المجتمع تنتظر الرئيس الجديد، أبرزها قانون المساواة بين الرجل والمرأة، بما في ذلك قانون المساواة في الميراث الذي أثار ضجة في المجتمع التونسي.

فبعدما لاقت هذه الفكرة قبول الرئيس السابق، كيف سيكون موقف الرئيس الجديد منها وهل سيدفع في نفس الاتجاه؟

إضافة إلى مسألة الميراث، يتساءل كثيرون كيف سيتفاعل الرئيس الجديد مع قضايا أخرى تتعلق بقانون الأحوال الشخصية، مثل مطلب لجنة الحريات الفردية والمساواة بتغيير قانون دور معيل الأسرة الموكل اليوم إلى الأب، وكذلك مسألة منح اللقب والجنسية.

وسيكون الرئيس التونسي المقبل على المحك فيما يتعلق بقضايا اجتماعية أخرى، مثل وضع المثليين في المجتمع. فهل ستكون لديه الجرأة الكافية لكي يلغي القانون الذي يجرّم العلاقات الجنسية المثلية في تونس ويحرر هذه الفئة من المواطنين من القيود المفروضة عليها من المجتمع وبعض الأحزاب ذات التوجه الإسلامي أم سيُبقي القانون على حاله؟

إعادة الأمل إلى الشباب التونسي (30 بالمائة منهم تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 عاما) الذي يعاني من التهميش والبطالة والإقصاء، أيضا من أبرز الرهانات التي ستواجه الرئيس المقبل. فرغم استمرار الهجرة عبر قوارب الموت، هناك أمل في أن تتحسن الحياة في تونس. والدليل هو أن 70 بالمائة من المواطنين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة قد سجلوا أنفسهم في القوائم الانتخابية للمشاركة في التصويت. فهل سيأتي التغيير مرة أخرى من الشباب؟