كل الطرق توصل المشجعات الجزائريات إلى البرازيل



© فرانس24/ نص: مليكة كركود  -   صور: AFP

المقدمة


من القصبة أحد أكثر أحياء العاصمة الجزائرية شعبية إلى شارع قانبيطا بمدينة الراي وهران، مرورا بمدينة الأنوار ليون وسط فرنسا، إلى دبي المدينة التي لا تنام... يبدأ مسار أربع نساء جزائريات ليتقاطع ويلتقي ببلاد السامبا بالبرازيل حيث سيذهبن لتشجيع من يلقبون بلغة الملاعب "محاربو الصحراء" - منتخب الجزائر - الممثل الوحيد للعرب في كأس العالم 2014.

وإن كان دخول ملاعب كرة القدم ليس من مفردات المرأة الجزائرية في المجتمع الذكوري الذي يعشن فيه إلا أن الظاهر أن "أفيون الشعوب" أصاب الكثير منهن بدليل أنهن سيقطعن آلاف الكيلومترات برا وبحرا وجوا لمعايشة حلم المونديال مع أشبال خليلوزيتش...وهذه قصص بعضهن.

65 امرأة سيذهبن تحت لواء السلطات الجزائرية

حسب إحصائيات رسمية لوزارة الرياضة الجزائرية، فإن 65 امرأة من بين ألفي مشجع جزائري قررن السفر إلى البرازيل، لمؤازرة المنتخب الوطني خلال مشاركته ببطولة كأس العالم التي ستبدأ في 12 يونيو/ حزيران وتنتهي في 13 يوليو/تموز.

وقد سهلت السلطات الجزائرية عملية سفر المشجعين الجزائريين، حيث أسندت المهمة إلى الوكالة الجزائرية للسياحة، بحكم تجاربها السابقة في مجال تنظيم نقل المشجعين الجزائريين خلال مواعيد رياضية هامة ككأس العالم 1982 بإسبانيا، ونسخة 2010 بجنوب أفريقيا، وكذلك كأس أمم أفريقيا التي احتضنتها جنوب أفريقيا كذلك في 2013، بالإضافة إلى مواعيد دولية ودية كثيرة كان آخرها المقابلتين الوديتين اللتين جمعتا الجزائر بأرمينيا ورومانيا بسويسرا.

كما مكنت السلطات الجزائرية كل مشجع من صرف مبلغ قيمته 2500 يورو.

وستتم رحلات المناصرين الجزائريين على مدار ثلاثة أيام 13 و14 و15 يونيو/حزيران الجاري عبر 8 رحلات لشركة الخطوط الجوية الجزائرية (الشركة الجوية الوحيدة) إلى مدينة فلوريانوبوليس الساحلية، التي اختيرت لتكون المقر الرئيسي لجميع المشجعين الجزائريين الذين سيذهبون من الجزائر وفق جدول هذه الرحلات الجماعية.

ولم يحدد بعد تاريخ تذكرة العودة الذي سيكون مرتبطا بنتيجة آخر مباراة يخوضها منتخب الجزائر في التصفيات المؤهلة للأدوار التالية.

وتراوحت أسعار التذاكر بين 750 ألف ( 7000 يورو) و350 ألف دينار جزائري ( 3000 يورو) ويتضمن السعر تذاكر الرحلة، تذاكر الدخول للملاعب لحضور مباريات الفريق الوطني الثلاث الأولى، والإقامة في الفندق وكذلك تكاليف المواصلات بين المدن خلال المباريات الثلاث التي ستجمع الجزائر ببلجيكا، وكوريا الجنوبية وروسيا ضمن المجموعة الثامنة التي تلعب فيها.

وحسب السيد طاهر سحري المدير العام للوكالة الجزائرية للسياحة فإن الألفي تذكرة بيعت خلال العشرة أيام الأولى منتصف يناير/كانون الثاني 2014 رغم غلاء سعرها، ما يمثل نحو معدل راتب عامل جزائري لمدة سنتين.


صور: AFP

غنية خفيف
من وهران إلى البرازيل...حلم عمر يتحقق


من عمق الحي الشعبي "غامبيطا" بوهران "الباهية" غرب الجزائر العاصمة تنحدر وتعيش غنية خفيف، شابة جزائرية في مقتبل العمر -28 عاما- تعمل في شركة للهاتف النقال، ستعيش تجربة المونديال مع 17 من أصدقائها اعتبارا من 13 يونيو / حزيران الجاري.

التذكرة كلفتها 20 ألف دينار جزائري ( نحو 2000 يورو) قضت عاما كاملا لجمعها وحرمت نفسها من أشياء كثيرة لأجلها، كما ساعدها صديق تكفل بتنظيم الرحلة للمجموعة التي يسافر بعض أفرادها من وهران، والآخر من العاصمة وفرنسا.

قصتها مع من تسميهم "محاربو الصحراء" بدأت بعد حادثة مصر حيث تقول إن هذا أيقظ شعورا غريبا عندنا امتزجت فيه الوطنية بالواجب، فهي لم تكن يوما من عشاق كرة القدم.

اليوم المعطيات تغيرت عندها ومتابعة الخضر والذهاب لمناصرتهم صار مسألة أساسية بالنسبة إليها حيث تقول "ملاعب كرة القدم لم تسمح أبدا للمرأة الجزائرية اجتماعيا من دخولها، فغالبا ما يكون هنالك اعتداء لفظي قبل أن يكون جسدي، ولكن للصدفة والغرابة يتغير كل شيء عندما يكون الفريق الذي يلعب في وسط الميدان المنتخب الوطني، وكأن المناصرين الجزائريين يصيرون أكثر أدبا و"رجولتهم" تتراجع لتسمح لهم باقتسام مدرجات الملاعب مع النساء"، فقد سبق لها قطع مسافات طويلة لتشجيع الخضر كربيع 2010 عندما قطعت نحو ألف كلم في يوم واحد لتشجيع الجزائر خلال مقابلة ودية جمعتها بصربيا في إطار التحضير لنهائيات كأس العالم التي احتضنتها جنوب أفريقيا ذلك العام.

لا بعد المسافة التي تفصل بين حيها الصغير بوهران بمدينة ريو الكبيرة، ولا الأوضاع الأمنية الحساسة التي تتميز بها البرازيل تخيفها أو تقلل من عزيمتها في التمتع بهذا الحدث العالمي الذي تقول بأنه حلم عمر سيتحقق أخيرا...


صور: AFP

ماسيليسا شفاي
أول تغطية إعلامية مع الخضر


ماسيليسا شفاي (25 عاما) صحفية تعمل في موقع "كل شيء عن الجزائر" بالجزائر العاصمة، الرياضة ليست من اختصاصها رغم بعض المواضيع الصغيرة التي كتبتها طيلة خمس سنوات من عمر عملها الصحفي، ستكون في البرازيل اعتبارا من الخامس من يونيو/حزيران لتغطية مقابلات المنتخب الجزائري ولإجراء ريبورتاجات على هامش المونديال.

"المهمة لم تكن من طلبي، بل الأمر كان بقرار من مسؤولي في الموقع، رحبت بالفكرة مباشرة لأنني بالإضافة إلى تغطيتي لبعض مباريات كرة القدم، سأعد ريبورتاجات، عن الوجه الآخر للمونديال" تقول ماسيليسا.

مونديال البرازيل هو أول تغطية إعلامية لماسيليسا لكأس العالم، ولمباريات الخضر، وعن ذلك تقول "هذا حظ كبير بالنسبة إلي باعتباري صحفية شابة بدأت مشواري المهني منذ سنوات قليلة، فالموعد هو كأس العالم ويجري في البرازيل، وزد على ذلك منتخبنا الوطني سيلعب فيه...فالتجربة ستكون حتما ساحرة".

لتضيف "الذهاب للبرازيل بصفتي امرأة جزائرية يعني لي الكثير فكرة القدم والنساء لا يتلاءمان معا في بلادنا، ودخول المرأة للملاعب غير لائق اجتماعيا، ولذلك الذهاب للبرازيل وأنت شابة في 25 سنة دليل بأنه يمكننا النجاح بالعمل وأن نثبت أنفسنا في هذا المجتمع الذكوري".


سليمة حجاج
من ليون إلى البرازيل...من أجل الخضر


تذكرتا السفر ليون- ريو على متن الخطوط الجوية الفرنسية دفع ثمنها 2400 يورو وبدأ التحضير لهذه الرحلة منذ نحو عام...هذه قصة سليمة حجاج وزوجها من أجل رؤية وتشجيع منتخب الجزائر في المونديال.

الزوجان قررا السفر قبل أيام من انطلاق فعاليات كأس العالم لانخفاض أسعار التذاكر في هذه الفترة ولكي يتمتعا بأيام من العطلة لاكتشاف البرازيل قبل أن تبدأ عقارب الساعة تسير على إيقاع المونديال.

بين رحلة بحث يائسة عن متاجر طعام حلال بمدينة ريو وتجنب دخول "فافيلا" المدينة لتفادي النظرات "المخيفة" والتمتع بزيارة أكبر عدد من المواقع السياحية البرازيلية تختصر يوميات هذه العائلة الفرنسية من أصل جزائري، حتى بداية مباريات كأس العالم ووصول المناصرين الجزائريين الذي سيضفون جوا عائليا لا محال كما اعتادوا في كل مرة.

تقول سليمة 22 عاما، عاطلة عن العمل، تعيش في ليون " كل أصدقائنا حذرونا من خطر الذهاب للبرازيل خاصة في فترة المونديال، لكن رغبتنا، وبالتحديد رغبة زوجي، في رؤية منتخب الجزائر وهو يلعب في كأس العالم، وفي البرازيل مهد كرة القدم فوق كل هذا، فرصة لن تعوض جاءت أكبر من كل تلك التحذيرات"، وتضيف " عناصر الشرطة والجيش في كل مكان، فهذا يطمئن جدا، كما أننا نتفادى الدخول إلى "فافيلا" وفق نصائح أصحاب الفندق الفرنسيين، فمرة وجدنا أنفسنا صدفة في أحد أحيائها ونظرات أصحابها المخيفة أفهمتنا مباشرة بأنه غير مرغوب في حضورنا، فخرجنا منها مسرعين".

عكس الكثير من الرجال الجزائريين زوج سليمة هو من كان وراء إقناعها باصطحابه للبرازيل لتشجيع المنتخب الوطني وحضور مبارياته "هنالك فرص في الحياة تأتي مرة واحدة فقط ولا ينبغي تفويتها" تقول سليمة بأن زوجها كان يرددها لها دائما ليقنعها باصطحابه.

وتضيف "الصعوبة الوحيدة التي نجدها هنا هي الأكل الحلال، فالأسماك تكاد تكون نادرة ولا يعرفون حتى ما معنى كلمة اللحم الحلال... فنحن نعاني كثيرا من أجل إيجاد مطعم نستطيع الأكل فيه وفقا لإمكانياتنا المادية".


نادية مديح
بعد جنوب أفريقيا مرحبا البرازيل


نادية مديح هي الأخرى ستكون ضمن القوافل التي ستشد رحالها إلى البرازيل اعتبارا من 11 يونيو/حزيران، والظاهر أن لا شيء يوقف هذه الشابة ذات الثلاثين ربيعا عن متابعة منتخب الجزائر في مواعيده الدولية، فبعد جنوب أفريقيا عام 2010، ها هي تجمع أمتعتها من جديد لعشرة أيام في البرازيل "لو سيلعبون في آخر الدنيا سأذهب لرؤيتهم ، ماذا يعني 2000 أو 3000 دولار أمام النشوة التي تعيشها وأنت ترى منتخب بلادك يلعب في المونديال وعلى المباشر" تقول نادية.

المشكلة المادية وغلاء التذكرة لم يكن مشكلة لنادية بفضل راتبها العالي في شركة أمريكية بدبي، بل أكثر من ذلك لديها صديقة كانت تشتغل معها في دبي مقيمة حاليا في مدينة ريو قللت عليها تكاليف السفر.

نادية ستذهب مباشرة من دبي إلى البرازيل لحضور المقابلات الثلاث للمنتخب الوطني، حيث تواعدت هنالك مع أصدقاء جزائريين سيأتون من بلدان مختلفة "اتفقنا أنا وخمسة أصدقاء بالالتقاء في البرازيل لمعايشة الحلم، اثنان سيأتيان من الجزائر العاصمة، اثنان من باريس، وثالثة من بريطانيا".



ملف خاص : كأس العالم 2014 على موقع فرانس 24

صور: AFP

Table of Contents