نص أمارة مخول – فرانس 24 Twitter Facebook

التراث السوري في خطر

لم يتوقف النزاع الدامي القائم منذ سنتين بين المعارضة المسلحة وقوات النظام في تهديم سوريا. وفي حين يعد أهالي البلاد موتاهم بعشرات الآلاف، يقف المجتمع الدولي عاجزا أمام تدمير شبه ممنهج لتراث معماري لا يضاهيه تراث آخر في المنطقة. ونادت مجددا إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في مطلع مارس 2013 إلى وقف أعمال العنف وإلى الحفاظ على الثروات الأثرية. لكن الناهبين والمقاتلين لا يأبهون بالتنديدات الدولية. تصفحوا هذا العرض للأضرار التي لحقت بالتراث السوري.

قلعة الحصن

أسست قلعة الحصن الشهيرة على يد أخوية فرسان القديس يوحنا المعروفة بفرسان المشافي بين العام 1142 و العام 1271، وهي تقع على المرتفعات في جوار مدينة حمص. وأدرجت القلعة عام 2006 على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وهي واحدة من أهم القلاع الصليبية التي بقيت محافظة على بنائها. وكانت القلعة من أهم المحطات السياحية في سوريا قبل أن تتحول في مرات عديدة ومنذ يونيو/حزيران 2012 إلى مسرح للمواجهات. وحسب مصادر عديدة ومتطابقة فإن المعارضين المسلحين احتموا بالقلعة حيث لاحقهم الجيش النظامي الذي لم يتردد في استهداف المبنى بالقذائف.

المدينة القديمة وقلعة حلب

تحمل حلب الواقعة على مفترق طرق تجارية عديدة بصمات مختلف الشعوب التي تعاقبت عليها منذ الألفية الثانية قبل المسيح ومنهم الإغريق والرومان وفيما بعد العثمانيون. وشيدت قلعة حلب الضخمة، وهي رمز للمدينة، في القرن الثاني عشر الميلادي، وفيها آثار مساجد وقصور وحمامات تشهد على قوة نفوذ العرب في تلك الفترة. وخارج أسوار القلعة، تضم أحياء "باب الفرج" في شمال غرب المدينة و"الجديدة" في الشمال وأحياء أخرى في الجنوب والغرب معالم دينية مهمة ومساكن جميلة. وبقيت حلب لفترة في منأى عن النزاع قبل أن تعرف أولى أعمال العنف حين قرر المقاتلون المعارضون شن هجوم حاسم عليها في 20 يوليو/توز 2012. وبعد شهر استهدفت القلعة بقذيفة، وأكلت نيران حريق أسواق المدينة القديمة. ويتبادل النظام والمقاتلون الاتهامات بشأن مسؤولية هذه الأضرار.

الجامع الأموي بحلب

يشكل الجامع الأموي بحلب، مع القلعة والمدينة القديمة، مجموعة مسجلة ضمن التراث العالمي للإنسانية. وتضرر الجامع الذي يعود للقرن الثالث عشر، جراء المواجهات والقصف. وبعد تسعة أشهر على بداية أعمال العنف في حلب، دمر جزء كبير من أكبر جامع في المدينة.

تدمر

كانت تدمر، معقل الملكة "زنوبيا" فيما مضى، من المحطات السياحية الرئيسية في سوريا. وكانت تدمر قبلة لمحبي علوم الآثار من كل أنحاء العالم والذين يقصدونها للتمتع والإعجاب بآثار المدينة القديمة الكبيرة التي كانت من أهم المراكز الثقافية في العالم. وتقع تدمر في الصحراء، شمال شرق دمشق، وبقيت لمدة طويلة في منأى عن النزاع. لكن في بداية 2013، طالت أعمال العنف المنطقة. وتضرر معبد بعل في المواجهات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية.

حذرت منظمات غير حكومية في مرات عديدة من أعمال النهب التي تهدد الموقع الأثري.

قلعة المضيق

تقع قلعة المضيق قرب مدينة أفاميا الأثرية وهي تابعة لمحافظة حماة. ولحقت بالقلعة العائدة للقرون الوسطى أضرار كبيرة جراء النزاع. وتظهر الصور أجزاء من جدار القلعة وهي تنهار إثر القصف الكثيف للجيش النظامي السوري، وبالخصوص في أبريل/نيسان 2012 حين احتمى المقاتلون المعارضون بالقلعة.

أعمال النهب

إضافة إلى التدمير الذي لحق بالمعالم الأثرية جراء المواجهات، حذرت منظمات الدفاع عن الإرث الثقافي من أعمال نهب مشابهة لما وقع في العراق عام 2003 أو في مصر عام 2012. وأبلغت العديد من المتاحف السورية عن أعمال سرقة، وبالخصوص في حمص التي تعيش وضعا مأساويا منذ أشهر عديدة. وتم إعلام المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الأنتربول) بعملية سرقة فسيفساء قديمة ذات قيمة كبيرة وقعت في مطلع 2012 في متحف محاذ لآثار أفاميا في شمال غرب البلاد.

بصرى

مسرح بصرى الأثري هو معلم آخر شهير من التراث الثقافي السوري، وبقي هذا المسرح يحتضن عروضا حتى وقت قريب. يتخذ منه المقاتلون المعارضون معقلا. وعلقت على جدران معبد روماني مجاور للمسرح لافتات قماشية تحمل شعارات مؤيدة للمعارضة المسلحة. وفي يوليو/تموز 2012، قالت ماتيلد جيلان وهي عالمة آثار فرنسية وباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا وفي المعهد الفرنسي للشرق الأدنى ، لفرانس 24 إن المقاتلين المعارضين "تبينوا أن هذه الوسيلة قد تمكنهم من لفت الانتباه الدولي".

دورا أوربوس

تقع دورا أوروبوس في أقصى الجنوب الشرقي لسوريا، غير بعيد عن الحدود العراقية. ويلقب هذا الموقع الأثري بـ "بومبي الصحراء"، ويحتضن آثار مدينة بدائية تعود للقرن الرابع قبل الميلاد وتعاقبت عليها شعوب مختلفة من مقدونيين وإغريق ورومان. والكنيس اليهودي هو المكان الذي يحظى بأكبر قسط من الدراسات التي تنجز حول الموقع. وتتواصل إلى اليوم حفريات بدأت في 1920. وتعرض متحف الموقع ومركز البحوث لعمليات نهب في يوليو/تموز 2012.